أصالة تعاني من عقدة الأغاني الكلاسيكية
إلي
أين تذهب أصالة بفنها؟ هذا السؤال أصبح يفرض نفسه علي الساحة الغنائية،
لأن كل المتابعين لأصالة خلال السنوات الاخيرة، وبالتحديد آخر عامين سوف
يجد أنها لم تعد تلك الصوت الذي يطربنا، والذي يجعلنا نردد تلك العبارة،
سبب واحد هو أننا كنا نعتقد ان اصالة سوف تواصل مشوار غنائها كما بدأت
عندما انحازت للأعمال الجادة مثل تلك التي لحنها لها الموسيقار حلمي بكر،
والموسيقار محمد سلطان،
وهي الأعمال التي صنعت جسراً قويا بين أصالة والجمهور العربي، لكن يبدو ان
عقدة أصالة بأنها غنت في وقت من الاوقات أعمالا أكبر من سنها هي التي تدفع
اصالة الآن الي السير في الاتجاه المعاكس، وهو عمل اغان تصلح للمراهقين
ممن هم دون العشرين عاما.
أصالة لم تنتبه الي ان طبعية صوتها، وتكوينها الفني لا يصلح لمثل هذا
التحول، كانت تستطيع ان تصنع نوعا من الاغاني الايقاعية، وهي صنعت ذلك
بالفعل لكن تحويل اغانيها القديمة شيء صعب، وهذا ما فعلته في حفلها الأخير
بمسرح الساحة بالاوبرا، حيث قام زوجها طارق العريان باستئجار المكان،
وللحقيقة هو بالفعل صنع مسرحا لا نشاهد مثيله الا في الحفلات الاوروبية،
كما أن مكان المشاهدين كان مهيئا لكي يستمتع الجميع بحفل جيد.
إذن كل شيء كان جيداً قبل العرض جلست مع مجموعة من اعضاء فرقة وسط البلد،
الذين صاحبوا اصالة في الحفل، وبالمناسبة هذا الفريق محتكر من قبل احمد
العريان شقيق زوج اصالة، وخلال هذه الجلسة استمعت الي كلامهم والذي تضمن
ان اصالة سوف تغني في هذا الحفل اعمالها علي طريقة اداء »وسط البلد«، وعرف
عن هذا الفريق بأنه يؤدي اعماله علي طريقة الفلامنكو الإسباني حتي طريقة
اداء اصواتهم في الغناء تؤدي بنفس هذه المدرسة، لذلك كان الأمر غريبا
بالنسبة لي، كيف تتحول اغاني اصالة الي هذا اللون وهي الاعمال التي لحنت
وفق المقامات الشرقية ووفق مساحة صوت أصالة؟ لكن في كل الاحوال الأمر
بالنسبة لي كان تجربة جديدة لأن كل الذين تابعوا اخبار هذا الحفل كانوا
يعتقدون ان اصالة سوف تغني بمصاحبة فرقتها وان وجودها في حفل وسط البلد
منفعة للطرفين، فهي سوف تكتسب جمهوراً جديداً هو جمهور وسط البلد، وهم
ايضا سوف يكسبون جمهور أصالة.
المهم صعدت أصالة الي المسرح وسط صواريخ، واحتفالات ضخمة وسط إظلام تام
للمسرح الي ان اخذت مكانها وسط المسرح وهنا تمت اضاءة المكان، وبدأت تغني
اصالة »يامجنون مش أنا ليلي« اللحن تحول الي الفلامنكو، طريقة اداء اصالة
اتجهت الي نفس الاسلوب مع صوت أدهم الصوت الاهم في هذا الفريق مع صرخات من
اصالة ليس لها معني سوي التشبه بطريقة اداء هذا الفريق، ثم غنت »فات
الوقت« بنفس الاسلوب، وهنا تيقنت ان اصالة تلعب بالنار ولم تعد تلك
الفنانة التي نعرفها، اصالة كانت لها طريقتها في الغناء ولها اسلوبها،
وحضورها علي المسرح كل هذا اختفي، ارتدت الجينز وتحولت الي صورة من نجمات
الاغنية الحديثة في الشكل، وعضو جديد في فريق وسط البلد في الاداء
الغنائي، ولا نعرف كيف استغنت اصالة عن مدرستها في الغناء؟
اصالة كانت دخلت في تصنيف خاص بها شأنها شأن انغام وآمال ماهر وغادة رجب
وإيمان البحر درويش وكاظم والحلو والحجار ومحمد عبده ومدحت صالح رموز
الغناء العربي وكل واحدة وواحد يمتلك مدرسة في الاداء، كانت أصالة تصنف
بينهم، الآن هي تصنف ضمن قائمة اخري وهي بالقطع لن تستطيع الصمود ضمن
القائمة الثانية لأنها لن تتنازل اكثر من ذلك، فالقائمة الثانية تحتاج من
المغنية ان تجعل الصوت في مؤخرة الاهتمامات، هيفاء وآليسا ونانسي ربما
يأتي اهتمامهن بالصورة اكثر من اجل تعويض ضعف الامكانيات الصوتية لهن، اما
اصالة فأعتقد ان الله منحها الصوت، بطبيعة الحال عودة اصالة الي سابق
عهدها هي مسئولية المقربين منها لأن صوت اصالة في حاجة لمن يدعمه فنيا
بالشكل الذي يليق بصوتها.