الحمد لله الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، فجعل الزوجين الذكر والأنثى ، والصلاة والسلام على رسول الهدى ، وعلى آله وصحبه وعلى من اتبع الهدى ، أما بعد:
فقد ظهر في هذا العصر صنف من النساء ، خالفن فطرة الله التي فطر الناس عليها، وتخلقن بصفات لا تليق بطبيعة الأنثى التي خلقها الله لتتميز بها عن طبيعة الرجل، يحسبن بزعمهن أنهن أصبحن كالرجال بحسن التدبير ، وحرية التصرف ، ومواجهة أمور الحياة ، والتنافس على الأعمال ، والخوض في مجالات تخص الرجال ولاتليق إلا لهم وبهم .
فواجه ذلك الصنف من النساء من العنت والضيق الشيء الكثير ، وحصلت لهن المشكلات النفسية والجسدية ومضايقة الرجال ـ الذين يكرهون تنافس أقرانهم من الرجال فكيف بالنساء ـ بل والتعدي عليهن ، وأصبحن منبوذات حتى من بنات جنسهن ، يكرهها ويمقتها زوجها وأبناؤها .
ومع ذلك كله جاء الوعيد الشديد لمن خالفت فطرتها ، وتخلت عن أنوثتها ، وتشبهت بالرجال في اللباس ، والهيئة والأخلاق والتصرفات ، ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال )) [ رواه البخاري ] ، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً قال : (( لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء )) [ رواه البخاري] . والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زيهم وهيئتهم فأما في العلم والرأي فمحمود .
فعن سالم بن عبدالله عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة ، والديوث … )) [رواه النسائي ] ، وفي رواية الإمام أحمد : (( لا يدخلون الجنة )) وفي رواية أخرى زاد تعريف المترجلة في قوله : (( والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال )) ( 5904) .
ومن تلك الأحاديث يتبين حكم المترجلة التي تتشبه بالرجال بأنه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب ، قال الذهبي رحمه الله : ( تشبه المرأة بالرجل بالزي والمشية ونحو ذلك من الكبائر ) ، فهي مطرودة من رحمة رب العالمين ، ملعونة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا ينظر الله إليها يوم القيامة نظرة رحمة ، ولا تدخل الجنة ، فما أكبره من ذنب ، وما أقبحه من جرم ، لا يغفره الله إلا بالتوبة النصوح .
والله عز وجل نهى النساء المسلمات أن يتمنين أن يكن كالرجال ، وكذلك الرجال نهاهم عن تمني ما للنساء في قوله تعالى : (( و لاتتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما)) ففي قول الله تعالى : ((ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض )) أي في الأمور الدنيوية وكذا الدينية ، وهكذا قال عطاء بن أبي رباح : نزلت في النهي عن تمني ما لفلان ، وفي تمني النساء أن يكن رجالاً فيغزون رواه ابن جرير ، ثم قال : (( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن )) أي كل له جزاء على عمله بحسبه إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، هذا قول ابن جرير ،، ثم أرشدهم إلى ما يصلحهم فقال : (( واسألوا الله من فضله )) لا تتمنوا ما فضلنا به بعضكم على بعض فإن هذا أمر محتوم ، أي أن التمني لا يجدي شيئاً ولكن سلوني من فضلي أعطكم فإني كريم وهاب : (( إن الله كان بكل شيء عليما)) .
مظاهر تشبه المترجلة بالرجال
لقد كثرت في وقتنا الحاضر مظاهر تشبه النساء بالرجال فلم يعد الأمر قاصراً على اللباس فحسب ، بل تعدى إلى أكثر من ذلك / فمن المظاهر التي تتصف بها المرأة المترجلة :
1ـ التشبه بالرجال في اللباس ، من لبس ثياب تشبه تفصيل ثياب الرجل ، ولبس البنطال وهو من ألبسة الرجل أصلاً ، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل )) [رواه أحمد وأبو داود ] ، وكذلك لبس أحذية تشبه أحذية الرجل ، ولقد قيل لعائشة رضي الله عنها : إن امرأة تلبس النعل فقالت : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء ) [رواه أبو داود ] ، وللأسف الشديد فقد انتشر في الأسواق أحذية غريبة الأشكال ، قبيحة المنظر ، يتنزه الرجل العاقل عن لبسها ، ويزعمون أنها أحذية نساء ، ومع ذلك يوجد إقبال كبير على شرائها من قبل النساء ، والله المستعان .
2ـ عدم الالتزام بالحجاب الشرعي ، الذي هو غطاء الوجه الساتر والعباءة الفضفاضة التي توضع على الرأس من أعلى ، وأصبح البديل عنه غطاء للوجه شفاف ، وعباءة مزركشة مطرزة توضع على الكتف ، تفتن أكثر من أن تستر ، أو يلبسن ما يسمى بالكاب الذي يظهر تفاصيل جسم المرأة وكأنه ثوب رجل ، ويكون إما مزين أو خفيف ، ومع ذلك كله لا تهتم بستر جسمها أو تغطية وجهها عن الأجانب ، فيظهر جزء من لباسها ، وتكشف وجهها أحياناً دون مبالاة . قال الذهبي رحمه الله : ( ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ من تحت النقاب ، وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت ، ولبسها الصباغات والأزر والحرير والأقبية القصار مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها إلى غير ذلك إذا خرجت ، وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة ) .
3ـ كثرة خروجها من البيت لغير حاجة : إما مع السائق ، أو سيارة أجرة ، أو تقود السيارة في كثير من الدول ، أو على قدميها حتى ولو كان المكان بعيداً عنها ، خراجة ولاجة ، لا تهتم ببيت ولا أولاد ، ولا تقيم لذلك وزناً ، زعماً أنها تقوم بحاجات المنزل ، مع أنه يمكن لأحد رجال البيت أن يقوم بعملها دون الحاجة إليها .
4ـ مزاحمة الرجال ومخالطتهم في الأسواق والأماكن العامة ، بل بعضهن لا تستحي أن تصاف الرجال في صف الانتظار ، وتدخل وتجلس بينهم وخاصة في المحلات التجارية، وتتكلم مع الباعة كأحد محارمها ، وتشترك في البيع والشراء وحدها ، وفي أحد تعريفات المترجلة : ( اللاتي يتشبهن بالرجال في الحركة والكلام والمخالطة ونحو ذلك ) .
5ـ رفع الصوت بالكلام ومجادلة الرجال : بصوت عال يسمعه البعيد قبل القريب ، مع أن المرأة من سماتها خفض صوتها ، والبعد عن محادثة الرجال الأجانب ، وفي تعريف للمترجلة : ( التي تتشبه بالرجال في رفع صوتهم ) .
6ـ تقليد الرجال في المشية و الحركات : فتمشي في الطرقات والأسواق مشية الرجل بقوة وجلد ، وتتمثل حركات الرجل التي تظهر الصلابة والخشونة ، بل وصل الحال ببعضهن المشاركة في أندية الكاراتيه ورفع الأثقال وألعاب القوى .
7ـ الخشونة في التعامل والأخلاق : كالرجال ( مع أهل بيتها وأقاربها ) فهي عنيدة ، فظة الخلق ، مستبدة برأيها ، لاتقدر ولا تحترم أحداً ، وهذه الصفات مذمومة بحق الرجل فكيف بالمرأة ؟!
8ـ ترك الزينة : الخاصة بالنساء كالحناء والكحل وغيره ، فتصبح كالرجل في شكلها وهيئتها ، قالت عائشة رضي الله عنها : أومت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال : (( ما أدري أيد رجل أم يد امرأة )) قالت : بل امرأة قال : (( لو كنت امرأة لغيرت أظفارك ـ يعني بالحناء )) [ رواه أبو داود ]
9ـ التشبه بالرجل في الشكل والهيئة : من قص للشعر كشعر الرجل ، وتطويل الأظافر ، وهيئة الوقوف والجلوس ونحوها .
10ـ نبذ قوامة الزوج أو رعاية الولي : فهي لا تقبل أن تكون تحت قوامة رجل أو تصرف ولي ، تريد حرية التصرف المطلقة ، دون إذن أو مراعاة رجل البيت .
11ـ السفر دون محرم : بوسائل النقل المختلفة ، ومن أشهرها الطائرة فهي التي تستخرج التذكرة وتذهب إلى المطار ، وتسافر دون محرم يرافقها ويحميها من الفساق، مخالفة بذلك دينها وخلقها ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم )) [متفق عليه ] تريد بذلك الحرية الواهية ، فكم حصل لهذا النوع من النساء الضرر والمضايقة ، بعكس لو رافقها محرمها :
12ـ قلة الحياء : المرأة المسترجلة قد نزعت الحياء من شخصيتها ومن أخلاقها ، وبذلك أصبحت كالشجرة بلا لحاء ، مصيرها إلى العطب أو الموت سريعاً ، فالمسترجلة تتكلم في كل موضوع ، وتتحدث مع كل الناس ، وتذهب إلى كل مكان ، بلا حياء ولا خلق ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الصحيح : (( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت ))