ورب قبيحة ما حــــال بينـي
وبين ركوبها إلا الحــــياء
فـكان هـو الـدواء لها ولكـن
إذا ذهب الحـــياء فلا دواء
أهم المظاهر للمترجلة ـ في نظري ـ والتي ظهر شرها بين كثير من نسائنا مع الأسف الشديد ، ومن تلك المظاهر يمكن أن نستخرج تعريفاً شاملاً للمترجلة ، وهو : التي تتشبه بالرجال في الزي والهيئة والمِشية والكلام ورفع الصوت وفي الحركة والمخالطة ، وترجلت المرأة : صارت كالرجل .
أسباب تشبه المرأة بالرجل ( الترجل )
للتشبه أسباب عديدة يمكن إجمالها فيما يلي :
1 ـ نقص الإيمان وقلة الخوف من الله : لأن الوقوع في المعاصي سواء الكبير منها والصغير نتيجة نقص الإيمان ، وضعف مراقبة الله عز وجل ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن )) [ متفق عليه ] ، ومما لاشك فيه أن المرأة التي تتشبه بالرجال ناقصة الإيمان ، قد أغواها الشيطان للوقوع في كبيرة من كبائر الذنوب ورد تحريمها في أكثر من دليل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي قد سبق ذكرها .
2 ـ التربية السيئة : المرء ابن لبيئته كما يقال ، فإذا كانت البيئة التي يعيش فيها صالحة كان صالحاً ، وإن كانت سيئة كان كذلك ، فالبنت التي تعيش في بيت يسوده الفوضى ، وتنعدم فيه التربية الصالحة ، معرضة للانحراف غالباً ، ومن أشكال الانحراف التشبه بالرجال والاسترجال الذي يخالف فطرة المرأة وخلقها ، فلا إيمان يمنعها ، ولا تربية سليمة تردها ، ولا ولي صالح يردعها عن السلوك السيئ ، ويوجهها إلى الطريق الصحيح القويم .
3ـ وسائل الإعلام : بمختلف أشكالها وأنواعها ، المرئية والمسموعة والمقروءة ، فيها تبث وتنشر الأفكار الضالة والمنحرفة التي تغوي المرأة وتشجعها على التمرد على الدين والمبادئ السليمة ، وعلى رفض سلطة الرجل ـ كما يزعمون ـ وتشجع المرأة على المطالبة بحقها في التصرف والحرية ، وتعرض أنواعاً من الملابس الفاضحة والمشابهة لملابس الرجل باسم الموضة والأزياء . فتأثر كثير من النساء بما يعرض عليهن فخرجن عن الدين والخلق ، وعن قوامة الرجل ، وتشبهن بأخلاق الفاجرات وتصرفاتهن دون تفكير أو تمييز بين الخير والشر ، وظهر نوع من النساء الشكل شكل امرأة واللبس والتصرفات والأخلاق كالرجال ، إنهن ( المترجلات من النساء)
4ـ التقليد الأعمى : فهي تلبس وتتصرف دون وعي أو إدراك لما تفعله ، ودون تفكير في فوائد أو أضرار ما تعمله ، فهي تقلد من حولها من صويحبات أو فنانات وإن كان الأمر منافياً لطبيعتها .
5ـ رفيقات السوء : مما لاشك فيه أن الصاحب له تأثير كبير في شخصية من يصاحبه سلباً أو إيجاباً ، كما قال الصادق المصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة )) [ متفق عليه ] ، فالمرأة المجالسة للمترجلات من النساء لابد وأن تتأثر بهن في لبسهن وتصرفاتهن ، مجاملة أو تقليداً لهن كي لا تكون شاذة بينهن .
6ـ النقص النفسي ولفت الأنظار : بعض النساء تشعر بنقص نفسي ، ومحاولة منها لسد ذلك النقص تفرض شخصيتها عن طريق التشبه بالرجال في اللبس والتصرفات ، وبعضهن تتشبه بالرجال للفت الأنظار إليها ، وشد الانتباه لها ، وذلك بتسريحة الشعر أو لبس ملابس الرجل كالبنطال والقبعة ، أو المشي في السوق والأماكن العامة مشية غريبة تلفت الانتباه .
7ـ القدوة السيئة : والقدوة من أهم عناصر التربية ، فقد تكون الأم مسترجلة تتصرف كالرجل ، فيقتدي بها بناتها ، وفي الغالب أن البنات يكتسبن شخصيتهن من أمهاتهن ، فالأم التي لا تقدر الأب ولا تحترمه ، غالباً ما تكون بناتها كذلك لا يقدرن أزواجهن ، والأم التي تكون شديدة اللهجة في الخطاب ، ترفع صوتها في الكلام ، تكتسب البنت منها هذه الصفة ، وكذلك التشبه بالرجال وباقي الصفات ، وهذا ما أخبر عنه الصادق المصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء )) [ متفق عليه] ، وقد يوجد من تقتدي به تلك المرأة المترجلة سواء من قريباتها أو من تعجب به من المتشبهات بالرجال ، فيكون ذلك سبباً رئيساً في محاكاتها وتقليدها .
8ـ انعدام الغيرة من زوجها أو وليها : فلا يمنعها من مخالفتها لأمر الله في الحجاب واللباس ، ولاينهاها عن تصرفات لا تليق بها كمجادلة الرجال ونحوها ، فتجد أحياناً الزوج أو الأخ يرى تصرفات خارجة عن الحياء والأدب ولا تتحرك الغيرة في نفسه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة ، والديوث … )) [ رواه أحمد والنسائي ]
تلكم هي أهم أسباب تشبه المرأة بالرجال ، وإليكم بعض فتاوى العلماء في التشبه:
سؤال
ما حكم قص شعر الفتاة إلى كتفيها للتجميل سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة ؟
الجواب :
قص المرأة لشعرها إما يكون على وجه يشبه شعر الرجال، فهذا محرم ومن كبائر الذنوب ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، وإما أن يكون على وجه لا يصل به إلى التشبه بالرجال ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال : منهم من قال : إنه جائز لا بأس به ، ومنهم من قال : إنه محرم ، ومنهم من قال : إنه مكروه ، والمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه مكروه ، وفي الحقيقة أنه لا ينبغي لنا أن نتلقى كل ما ورد علينا من عادات غيرنا ، فنحن قبل زمن غير بعيد كنا نرى النساء يتباهين بكثرة شعور رءوسهن وطول شعورهن ، فما بالهن يذهبن إلى هذا العمل الذي أتانا من غير بلادنا ، وأنا لست أنكر كل شيء جديد ، ولكنني أنكر كل شيء يؤدي إلى أن ينتقل المجتمع إلى عادات متلقاة من غير المسلمين [ أسئلة مهمة: للشيخ ابن عثيمين ]
وسئل الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله عن حكم لبس الثوب الفاتح مثل الأصفر والأبيض والأحمر ولكنه ساتر؟
فأجاب : يجوز للمرأة أن تلبس من الثياب ما هو معتاد للنساء من أي لون كان ، لكن ما كان خاصاً بالرجال فلا تلبسه النساء ، فقد ورد لعن المتشبهات من النساء بالرجال وبالعكس .
وسئل الشيخ أيضاً عن إطالة الأظافر من أجل الجمال فقال : لا يجوز إطالة الأظافر ، بل ورد الأمر بالتقليم كل أسبوع أو كل أربعين يوماً على الأكثر . [ فتاوى المرأة ].
وورد للجنة الدائمة للإفتاء في المملكة سؤال عن حكم لبس الثوب الضيق والأبيض للمرأة ؟
فأجابت اللجنة : لا يجوز للمرأة أن تظهر أمام الأجانب أو تخرج إلى الشارع والأسواق وهي لابسة لباساً ضيقاً يحدد جسمها ويصفه لمن يراها ؛ لأن ذلك يجعلها بمنزلة العارية ويثير الفتنة ويكون سبب شر خطير ، ولا يجوز لها أن تلبس لباساً أبيض إذا كانت الملابس البيضاء في بلادها من سيما الرجال وشعارهم لما في ذلك من تشبهها بالرجال ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال . [ اللجنة الدائمة للإفتاء ] .
علاج الترجل
إن ظاهرة الترجل من النساء بدأت تنتشر ـ مع الأسف ـ في مجتمعات النساء وخاصة في الكليات ومدارس البنات ، حتى إن البنات المترجلات يلاحقن البنات الأخريات في أرجاء الكليات ويضايقنهن ، وكذلك ظهر نساء خلعن جلباب الحشمة ورداء الحياء في الأماكن العامة وغيرها ، فلزم بيان العلاج لوقف تلك الظاهرة الخطيرة ، ومن العلاج :
1ـ التربية الإيمانية : لا بد من تربية البنت منذ الصغر على طاعة الله عز وجل ، وعلى العقيدة الصحيحة ، والتأدب بآداب الشرع المطهر ، لتنشأ البنت على الإيمان والأخلاق الفاضلة قال صلى الله عليه وسلم : (( من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار )) [ متفق عليه] . وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة )) [ رواه الترمذي ] .
2ـ القدوة الحسنة : سواء في البيت من الأم عندما تتخلق بالحياء ، وتتأدب مع الأب في المعاملة ولطف الكلام ، ومع الرجال الأجانب بعدم الحديث معهم ، وخفض الصوت إذا اضطرت إلى ذلك ، وعندما تخرج تلتزم بالحجاب الشرعي والحياء والأخلاق الفاضلة ، أو من مجتمعها النسوي من أخوات وصديقات يتصفن بالخلق وحياء .
3ـ إلزام البنت والمرأة بالحجاب الشرعي : وعدم السماح لهن بلبس ما يخالف ذلك من الكاب والعباءة المطرزة والنقاب وغيره .
4ـ عدم السماح للمرأة بالخروج دون حاجة : وإن خرجت مع السائق الخاص بالعائلة فلا بد من وجود المحرم معها ، ثم معرفة إلى أين تذهب ومتى ترجع ، حفاظاً عليها لا اتهاماً لها .
5ـ نهيها عن التشبه بالرجال : سواء في اللباس أو في المظهر ، ولابد أن يكون لباسها شبيهاً بلبس النساء 0
6ـ عند النزول إلى الأسواق : وعند الشراء يستحسن أن يكون محرم المرأة هو الذي يسأل عن البضاعة ومجادلة البائع في الأسعار ، ليحفظ للمرأة حياءها .
7ـ اليقين الكامل بحكمة خلق الله تعالى : بأن خلق الرجل بصفات وخصائص تؤهله للقيام لأعماله ومهامه المطلوبة منه ، وكذلك المرأة خلقها الله تعالى بصفات وخصائص تختلف عن صفات الرجل لتقوم هي بأعمالها المطالبة بها ، وأن محاولة المرأة التخلي عن طبيعتها واتصافها بصفات الرجل سيكلفها الكثير من المتاعب والمطالبة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : (( ولاتتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما)) [ النساء : 32] .
أختي الكريمة :
الحذر .. الحذر من الاتصاف بتلك الصفة التي حذر منها رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولعن من اتصفت بها وهي الترجل ، وإياك ثم إياك التشبه بالرجال ؛ فهو خلق تترفع عنه المؤمنة بربها ، الموقنة بلقائة يوم العرض الأكبر . إن المرأة المسلمة تتميز عن غيرها بصفات وأخلاق تحفظ بها دينها ونفسها ، منها خلق الحياء وخفض الصوت والقرار في بيتها ، والتزامها بالحجاب الشرعي ، فإذا هي فعلت ما أمرت به واجتنبت ما نهيت عنه استحقت من الله تعالى الثواب والأجر العظيم ، وأدخلها الجنة برحمته ، قال عز وجل : (( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )) [ النساء : 124] ، وإن هي خالفت أمره استحقت العقاب قال الله تعالى : (( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)) [غافر:40] .
اللهم اجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه ، اللهم اهدنا إلى أحسن الأقوال والأعمال ، وصل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.